الخميس، 23 سبتمبر 2010

فقط انظر حولك جيداً!



يفاجأ الإنسان كثيراً عندما يكتشف بعض الأشياء القريبة منه والتي كان يجهل وجودها أو ربما لا يدرك أهميتها، على الرغم من ذهابه بعيداً للبحث عنها.

فمثلاً... قد يذهب الإنسان بعيداً ليبحث عن الحب!

ولو أنه دقق في المحيطين به لربما وجد من بينهم عاشق ثمل...! (لا تقلقوا موضوعي لا يتكلم عن الحب)، وفي أحيانٍ أخرى قد يواجه الإنسان أموراً تتطلب حلول ناجعة، فتجده يتصل بذاك الخبير، ويتحدث إلى ذلك المختص، ويشتري الكتاب الفلاني، أملاً في الوصول إلى نتيجة، ولو أنه فقط تمعن في المحيطين به لربما وجد لديهم أو لدى أحدهم حلاً ميسراً لا يكلفه شيء ... سوى الانفتاح على المجتمع المحيط.

حدث لي أمر مشابه ولعلي أخبركم به للفائدة. حدث أني واجهت تحدٍ معين خلال دراستي لمرحلة الدكتوراه، فاضطررت للتواصل مع بعض الأساتذة، والمختصين، واستعرت بعض الكتب المتخصصة وقرأت عدد ليس بقليل من المقالات العلمية بحثاً عن حل يناسب ذلك التحدي، وبعد جهدٍ جهيد خرجت بجزء من الحل لا بالحل كله...

وفجأة وبينما كنت أجلس خلف طاولتي في الجامعة دخل زميلي - ذلك الشاب الصيني الصامت الذي لا أذكر أني رأيته يتحدث إلى أحد من الزملاء - وبادرني قائلاً: صباح الخير!! بادلته التحية وأنا أقول في نفسي غريبة! تقدم إلى وصافحني، زادت غرابتي! ثم قال: شكراً على الهدية.. كان ذلك لطفاً منك! هدية؟!

أوه لقد تذكرت تلك الهدية، إنها هدية بسيطة أحضرتها له عند عودتي من السعودية بعد غيابي لفترة امتدت لحوالي خمسة أشهر، لم أجده يومها حيث كان مسافراً هو الآخر إلى بلده في رحلة علمية، وكان من المقرر لي أن أحضر دورة خارج المدينة وخشيت أن يعود في غيابي فوضعت هديتي البسيطة في مكتبه (مكاتبنا تقع في معمل واحد مع عدد آخر من الزملاء) مع بطاقة صغيرة كتبت عليها:

إلى صديقي وزميلي: سون
من: محمد المالكي مع التحية.
ثم ذيلتها بتاريخ ذلك اليوم...

بعد عودته رأيته أكثر من مرة في مكتبه وكنت ألقي عليه التحية فيهز رأسه فقط، قلت يومها لعل الهدية قد فقدت من مكتبه ولم يجدها حين عودته.

المهم في ذلك اليوم وبعد أن صافحني بدأ يتحدث إلى بشكلٍ غير معهود وأخذنا تدريجياً نتجاذب أطراف الحديث مع تركيز كبير على بحوثنا الدراسية، فذكرت له مصادفةً التحدي الذي واجهته وذكرت له أني لا زلت أبحث عن حل...!

لأكتشف أن الرجل خبير لا يستهان به في ذلك الجانب، بل ويفوق الكثير من الأساتذة الذين التقيتهم، أصبت بالذهول!

هذه الكتلة من العلم لا تبعد عني سوى أمتار قليلة مع أني قضيت وقت ليس بالقصير أبحث عن شيء من ذلك العلم في كل مكان.

أدركت حينها أنه يجب علي دائماً أن أجيل النظر فيما حولي قبل أن أقرر النظر خلف الجبال البعيدة، فلربما وجدت ضالتي عند أقدامي!!

وهنا أذكر قصة الرجل الإفريقي الذي باع مزرعته حتى يحصل على مالٍ يكفيه للبحث عن الألماس، بدأ يصرف ماله على مشروع البحث والأيام تمر وتمر دون فائدة حتى أنفق كل ما لديه من مال وأصبح فقيراً معدماً مشرداً لا يلوي على شيء وانتهى حلم الثراء الذي ظل يراوده منذ زمن طويل، وفي الطرف الآخر قام الرجل الذي اشترى المزرعة بحرثها وزراعتها والاهتمام بها دون كلل أو ملل، وذات يوم وبينما هو يحرث في مزرعته وجد حجراً كبيراً ذو شكل جميل وغريب، أخذه إلى صديقه خبير الأحجار، ليكتشف أنه حجر ألماس من النوع الممتاز، وبدأ هو وصديقه البحث في المزرعة ليكتشف أنها حقل كامل من الألماس...!!

مسكين ذلك البائع لو أنه بحث في مزرعته قبل أن يتوجه إلى المجهول لربما يسر الله أمره ووجد ألماسة عمره التي تشرد وهو يبحث عنها!

في الختام.. قبل أن تجيل نظرك في الفضاء البعيد، فقط أنظر حولك جيداً..!

بقلم: محمد المالكي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم تهمني ... فلا تترددوا في تدوينها

الأكثر قراءة