الخميس، 23 سبتمبر 2010

محافظة الدائر ... وجريمة الإتصالات!

صورة مع التحية إلى كل من يعنيه الأمر

لقد مضى الآن حوالي قرن ونصف القرن على اكتشاف أقدم وسيلة للاتصال الصوتي في العالم (الهاتف الثابت)، وقد تم تطويرها، ودخلت الاتصالات الفضائية إلى معترك الحياة، وجاء الإنترنت ليربط أطراف العالم ببعضها، إلا أن محافظة الدائر بني مالك في أقصى جنوب المملكة العربية السعودية ظلت في معزل عن تلك التطورات... بل إنها لم تعرف أقدم تلك الخدمات حتى الآن!

بلى .. بلى لكي أبرىء ذمتي وحتى لا أظلم أحداً، فهي تعرف خدمات الهاتف النقال الذي يعمل ساعة ويتعطل عشرات الساعات، كما أنها تعرف الهاتف الثابت من برامج التلفاز، وأخبار الصحافة، وبعض الاتصالات الغريبة ذات الأرقام التسعة التي تظهر من حين لآخر على شاشات الجوالات- الخديجة أصلاً.
ولكي أكون منصفاً مرة أخرى... فبعض الوجهاء في المحافظة يعرفون تلك الخدمة ويسمونها الأثير... ولكن نحن البسطاء لا نعرف خدمة الثابت ولا الأثير!

يا لبساطتنا، أذكر أننا أُبلغنا قبل حوالي أثنى عشر عاماً بأن الخدمة ستُدخل إلى محافظتنا يومها، وعلى الفور قمنا بتجهيز الطلبات المتمثلة في معاريض الاستجداء، والملفات الخضراء السحرية – التي تعرفونها، وصوراً مصدقة من وثائقنا الوطنية! وقمنا بتسليمها إلى المندوب المكلف لإنهاء تلك المهمة المستعصية، ورحنا نحتفل ونحلم ونجرب أصواتنا استعداداً لمرثون الكلام، وظننا يومها أننا سنسمع العالم ويسمعنا وكنا شبه متأكدين أن حظنا التعيس مع تلك الخدمة قد زال أخيراً، إلا أن المندوب الموقر كان قد حسم الموقف يوم خروجه من الدائر بمباركةٍ من مسؤولي الاتصالات آنذاك، لقد ذهب بتلك الطلبات إلى غير رجعه، ذهب وبذهابه ذهبت أحلامنا الصوتية!

وعندما تملكني اليأس من وصول هذه الخدمة كما هي حال بقية أهالي تلك الديار، قررت أن أغلف الجهاز الذي اشتريته استبشاراً بوصول تلك الخدمة، ويعلم الله أني لا زلت أحتفظ به إلى يومنا هذا، ولعلي في المستقبل أقدمه كهدية لشركة الاتصالات السعودية أو إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ... لحفظه في متاحفهم (إن كانت موجودة أصلاً)، ولو أني أهتدي إلى طريق مسؤولي "وزارة البرق والبريد والهاتف" (يا إلهي .. هل تذكروا هذا الاسم؟) لأهديته لهم فهم أحق به من سواهم...!

أو لعلي أشارك به في المتحف الدولي لمقتنيات وآثار تقنية الاتصالات، وحتماً سأحصل على الجائزة الأولى بدون منافس.

عيب أيها المسؤولون، والله عيب عليكم أن تبخلوا بهذه الخدمة البدائية على محافظة غالية من محافظات الوطن الحبيب.
والله إنها جريمة نكراء في حق هذا الجزء من الوطن تستحقون عليها المحاسبة والمقاضة والمطالبة بالتعويضات عن كل ما لحق بالمحافظة وأهلها من خسائر فادحة خلال السنوات الماضية بسبب غياب هذه الخدمة وغيرها من الخدمات الحيوية التي تتسابقون على نثرها في كل شبر من المناطق الأخرى!

بقلم: محمد المالكي.

هناك تعليق واحد:

تعليقاتكم تهمني ... فلا تترددوا في تدوينها

الأكثر قراءة