الاثنين، 10 نوفمبر 2008

سلمت يا وطني

قدر لي كأحد أبناء هذا الكيان العزيز، المملكة العربية السعودية، أن أتابع أخر التطورات التي شهدتها بلادي في مختلف الأصعدة، الثقافية والأمنية وخلافه، فثقافياً تابعت الصراعات الفكرية المختلفة التي تبناها العديد من المثقفين والكتاب وغيرهم، ومنهم من ينتمي إلى بعض التيارات غير المعتدلة، (تشدد ديني أدى إلى الخروج عن النهج القويم، أو إنحراف من فئة أخرى تنادي بالتنكر لمسلمات وثوابت ديننا الحنيف) وأمنيا،ً تابعت ما آلت إليه الأوضاع في الآونة الأخيرة ومنها ما تناقلته وسائل الإعلام في الإسبوع الماضي فيما يتعلق بالنجاح الباهر والمشرف للأجهزة الأمنية في القبض على سبع مجموعات إرهابية وكمية هائلة من الأسلحة المتنوعة.

غير أن إحساسي بنشوة النصر الذي حققه رجال الأمن البواسل في العديد من المواجهات الأمنية، وبالتفوق الذي أظهرته النخبة من علمائنا، وكتابنا المعتدلين، لم تحد من تفكيري الجاد في التطورات المختلفة والتهديدات الأمنية والضغوط المتنوعة التي تواجهها بلادي الغالية في هذه الفترة الحرجة من الزمن، داخلياً وخارجياً، وفي الواقع لقد تفهمت كيف أن بلد بحجم ومكانة المملكة العربية السعودية، دينياً وإقتصادياً وجغرافيا، لا بد أن يواجه الكثير من الضغوط والتحديات الخارجية، والتي وبلا شك أن السياسة الحكيمة لحكومتنا الرشيدة قد نجحت في إحتواء وتذليل العديد منها، كما تفهمت أيضاً أن هنالك ضغوطاً داخلية مختلفة ناتجة عن عدة أمور، منها: مكانة المملكة الدينية، إرتفاع معدلات الفقر والبطالة، زيادة العنصر الأجنبي، التردي الملحوظ في العديد من الجهات الخدمية والإنفجار السكاني والمعرفي في المملكة .. الخ والتي تتطلب جميعها العديد من الإصلاحات التي أقرها ويقرها ولاة أمرنا من خلال سعيهم الجاد لتحسين الأوضاع المعيشية للسكان والإرتقاء بمستوى مؤسساتنا الخدمية وخلافة وما القرارات والخطابات والبيانات الصريحة لخادم الحرمين الشريفين في أكثر من مناسبة وأكثر من منطقة إلا خير دليل على تفهم قيادتنا لأهمية الإصلاح وعزمها على تبنيه .. ولا غرابة فهولاء هم قادتنا الذين عرفناهم – حفظهم الله.

ولكنني عجزت عن تفهم ما يقوم به بعض أبناء هذه البلاد تجاهها (من كلا التيارين)، ولم أجد مبرراً مقنعاً يمكن الركون إليه..!

وأثناء تأملاتي تلك، دارت في رأسي عدة تساؤلات وإستفسارات منها على سبيل المثال:

هل هذا ضرب من الإصلاح المزعوم..؟! الإصلاح لا يتم بهذه الطرق...!
ما هو دور الأجنبي الذي دائماً ما يتواجد في معظم العمليات (الإرهابية أوالتي تتعرض لثوابتنا على حد سواء)..؟!
هل هو ناتج من شدة حرصهم على هذه البلاد وحبهم لأهلها..؟!أم أن هنالك أهداف يجب أن يحققوها بأيدي البعض من إخواننا وأبناءنا..؟!كيف يرضى أبناء هذه البلاد الذين عاشوا فوق ترابها، ورضعوا بثدي خيراتها أن يضعوا أيديهم في أيدي الغرباء ويسعوا سوياً لتهديد أمنها وسلامتها من جهة.. ومن جهة أخرى يسعون لتقويض ثقافتها والتشكيك في ثوابتها؟!
ولماذا المملكة العربية السعودية بالذات ..؟ ... الخ.

أسئلة حائرة ستجيب عليها الأيام..!!

أقول يا أبناء الحرمين .. هل هذا هو جزاء الأم الرؤوم..؟
هل جزاءها أن نحطم كيانها وأن ندمر بنيانها..؟هل جزاءها أن نعري جسدها الطاهر وأن نكشف سترها للآخرين..؟
هل جزاءها أن نوهن عظمها وننهك قوتها بما يفتح علينا ألف باب وباب، وبما يتوافق مع أهواء وأطماع الآخرين فيها وفينا..؟
أم أن جزاءها الوفاء لها والسعي للإصلاح على هدىً وبصيرة..؟!
يا أبناء الحرمين... لا تكونوا معاول هدم بأيدي المتربصين، ولا تكونوا مفاتيح للشر في هذه البلاد الآمنة.
قال تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة، الآية 2].

حاسبوا أنفسكم وتفكروا في عواقب الأمور وأنظروا فيما تفعلون .. هل هو الصواب؟!وثقوا .. أن الآخرين لن يرحمونا (جميعاً ) متى ما سنحت لهم الفرصة، وأن أول ما يتم التخلص منه والقضاء عليه هو أنتم قبل سواكم ..! ولنا في الأمم الأخرى معتبر.

دعونا نشارك في رقي وطننا وصلاحه بالفكرة الناجحة وبالكلمة المؤثرة وبالنصيحة الصادقة لولاة الأمر ولأبناء الشعب على حد سواء، بعيداً عن التطرف الديني أو الأخلاقي...
دعونا نناقش أمور وطننا فيما بيننا دون الإستعانة بالآخرين مخلصين النيات لله سبحانه وتعالى. فحكومتنا الرشيدة لن تأبى ما فيه صلاح البلاد والعباد.

اسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية، ولكافة أبناء هذه البلاد الطاهرة... وأقول لوطني الحبيب.. حفظك الله يا مهد الإسلام، وسلمك من الآفات والفتن، ما ظهر منها وما بطن، كنت عزيزاً وستظل عزيزاً بحول الله وقوته. لك في رقابنا أفضال وخيرات، وحق علينا الوفاء لكيانك العظيم ولولاة أمرنا الكرام..

قد لا يشعر بمكانتك وفضلك إلا من أجبرته الأقدار على مغادرتك.
ستظل بإذن الله غرة بيضاء في جبين الأرض، وستظل رايتك الخضراء خفاقة في سماء البناء والنماء، ومعها تخفق قلوبنا حباً ووفاءً لمقدساتك وقادتك وترابك ومنجزاتك وإنسانك... ولسان حالنا:

لي وطـــــن آليت ألا أبيـــــعه ..... وألا أرى غيري له الدهـر مالكا
وسلمت يا وطني وكل عام وأنت بألف خير وعافية.

ابنك الوفي المحب: محمد المالكي

نشرت في صحيفة سبق بتاريخ 04-05-2007
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=122

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم تهمني ... فلا تترددوا في تدوينها

الأكثر قراءة