الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

هل يرضيكم يا معالي وزير النقل..؟!

طريق طلان بمحافظة الداير بني مالك، كان من المفترض فيه أن يكون طريق عصري، ولبنة بناء متميزة في تلك الرقعة الغالية من الوطن والتي يعول عليها الكثير في المستقبل القريب لا سيما في مجال السياحة الداخلية..

إلا أن الواقع جاء مخالفاً لذلك تماماً، فالمشروع المنفذ ليس هو الحلم الذي ترعرع في أذهان الأهالي، وليس هو الطريق الذي ينتظر منه المشاركة في النهوض بمحافظة الداير وبذلك الجبل الأشم، ذو الطبيعة الخلابة، والمناخ العليل، والآثار الموغلة في القدم، كما هي حال كافة جبال بني مالك.

الدولة – رعاها الله – لم تألو جهداً في توفير الخدمات الهامة لمواطنيها أينما كانوا، ولكن المشكلة تكمن في وفاء الشركات المنفذة بالتزاماتها وفي أمانة وإخلاص وجدية الجهات الرقابية...

فطريقنا هذا طريق نفذ ببدائية متناهية، وبأسلوب يدل على الإستهتار والتهاون وعدم المبلاة من الشركة المنفذة ومن الجهة الرقابية – إدارة النقل بجازان.

الشركة لم ترعى حق الطريق، ولم تأبه بأرواح سكان وزوار تلك المنطقة، وهذا قد يحدث في ظل غياب الحس الوطني، وتقديم الربح المادي على ما سواه، والمصحوب بغياب وعي المواطن البسيط بطبيعة تلك المشاريع الخدمية.. ولكن أين أختفت الرقابة الحكومية على هذا المشروع .. وكيف؟!
كيف غابت إدارة النقل بجازان عن الدور المناط بها؟
بل كيف غاب عنها العبث الواضح في ذلك الطريق؟
وكيف وافقت على صلاحيته؟
وكيف رضيت بإستلامه من الشركة المقاولة وهو بتلك الصورة المخجلة..؟!

طبقة أسفلتية هشة، ومنحدرات ومرتفعات غاية في الخطورة، لا تحيطها أكتاف خرسانية، ولا سياجات حديدية، ليس به لوحات أرشادية بأماكن الخطر، ومنعطفات الهلاك، ولا يوجد به تصريفات للسيول، ضيق في العديد من أجزاءه، يفتقر إلى أبسط مقومات السلامة.... وغير ذلك الكثير من التجاوزات، هذا والمشروع يفترش أعلى قمة جبلية في المنطقة بأكملها..؟
تم إظهار شيء من الإهتمام بجزءه الغربي - على رداءته - لأنها الجهة التي يرتادها المسؤولون والزوار غالباً، بينما تم نهش الجزء الآخر من الطريق والتلاعب به بشكل مخجل...
كل هذه التجاوزات ولا زالت الشركة المنفذة تفوز بمناقصات الوزارة في تلك الجهة، لتعبث بطرقها واحداً تلو الآخر .. وإلى الله المشتكى..

عندما تحدثت إلى أحد أعيان طلان مستغرباً وضع الطريق والسكوت العجيب على هذا التلاعب الواضح والفاضح، قال لقد أمضينا سنوات ونحن نطالب بهذا المشروع، وعندما شرعت الشركة الحالية في التنفيذ وبدأت الأخطاء تظهر خشينا أن نعترض فتتوقف الشركة وتنسحب ويتوقف معها المشروع لسنوات قادمة، ونخسرالحلم الذي انتظرناه طويلاً، فصمتنا على مضض، مشيراً إلى أن مثل هذا الأمر قد حدث لهم من قبل، حيث انسحبت شركة الكهرباء المعنية بإنارة طلان، وتوقف معها المشروع حتى اليوم...!! ما عدا بعض الإجتهادات المشكورة من قبل كهرباء المنطقة في إنارة بعض أجزاء الجبل ...!!

كان ثمن ذلك التلاعب من الشركة، والتهاون من الجهة الرقابية، وصمت المواطن وتعلقه بالمشروع سبباً في إزهاق أرواح الكثير من أبناء ذلك الجبل ومرتاديه، كان أول الضحايا أحد عمال الشركة المنفذة، وأحدثها شاب في ريعان العمر، إختطفه طريق الموت في الأسبوع الماضي، وبين ذلك الكثير، ومن المؤكد أنها لن تتوقف أحداثه المروعة إذا ما بقي الوضع على حالته الراهنة..

لا أشك في أن الطريق أعتمد بمواصفات ومقاييس أخرى غير التي نفذ بها، ولكن التصاميم والرسومات الهندسية شيء والواقع شيء آخر ...!

العديد من التساؤلات حول هذا المشروع تدور في ذهني ولعلها تدور في مخيلات الكثير من أبناء تلك الديار:

هل سيتم تدارك هذا المشروع وتصحيح وضعه الحالي ...؟!
هل سيتم تدارك بقية مشاريع المنطقة قبل أن تكون نسخة كربونية أخرى من طريق طلان..؟!
هل سيتم محاسبة هذه الشركة التي تلاعبت بحقوق وأرواح الناس في ذلك الجزء من الوطن..؟!
وهل سيتم محاسبة إدارة النقل في جازان ومشرفي المشروع والمشاريع الأخرى المماثلة التي تلقى نفس المصير في تلك الجبال..؟!

معالي وزير النقل.. كثيراً ما أسمع عن زيارات معاليكم التفقدية للعديد من مشاريع الوطن في مختلف المناطق...
فهلَّ جعلتم لطريق طلان والطرق المجاورة له نصيب من تلك الزيارات التفقدية بغرض الوقوف على حقيقة هذه المشاريع وعلى ما فيها من تجاوزات..؟!

يا معالي الوزير.. إن التقارير المكتوبة والمصورة لن تنقل كل أجزاء الحقيقة كما تنقلها العين المجردة التي لا تحجبها المسارات المحددة...!

وفي الختام ... نحن لا نريد طرق بمواصفات مثالية ونادرة، فقط نريد طرق تتوفر بها وسائل السلامة، نسير فيها ونحن آمنين بأمن الله...

ومضة:
الأمانة ثقيلة وتحتاج إلى تضحيات...!

محمد المالكي

نشرت في صحيفة سبق بتاريخ 17-07-2007
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=343

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم تهمني ... فلا تترددوا في تدوينها

الأكثر قراءة